في هذا التوقيت تحديداً رجال قريتنا كانوا يجتمعون على التلة خلف بيتنا حيث الإطلالة الرائعة سلسلة جبال جودي تقابلهم وفِي الطرف الاخر سلسلة جبال بيخير ونسمة هواء نقية باردة تأتي من أشجار الحَور والصفصاف من على ضفاف نهر السفان الموازي الموازي لقريتنا احد رجال القرية بيده إبريق الماء للوضوء يظهر من احد طرفي الصخرة الكبيرة التي ضربتها البرق عدة مرات دون جدوى بقيت الصخرة كما هي!
اما باقي الرجال فكانوا منشغلين بلعبة الداما او الطاما اما الشباب فكانوا ضائعين بين هذا وبين ذاك كانت جلساتهم شبه اجباري مع كبار السن في القرية كونه كانت عالم خالية من إنترنيت وشبكة ويفي وفيسبوك والتواصل الاجتماعي فقط كانت التلفاز القناة الاولى والثانية وتلفزيون ابيض واسود هذا إن كان مزاج الخال احمد هراشي ابو محمد رايقاً!
اما اذا كان مزاجه عكر او ثمة شئ قد عكر صفوته فكان يعاقب كل رجال القرية وشبابها حيث لا يشغل المولدة الكهربائية الوحيدة التي كان يملكها في القرية وتلفازه الأبيض والاسود
من نوع سيرونكس لمس اربعة عشر بوصة لا خيار لدى الشباب وأحياناً كانوا يجتمعون في ملعب كرة الطائرة للوناسى هذا إن وجدت الطابة كرة الطائرة عَل الأغلب كانت دائماً تنفجر مع اول لمسة لكومة القش والخشب التي كومها عبد الهادي ابو علو في طرف بيته لموسم الشتاء
اما المساء فدورة الطرنيب والفريق ثابت لا يتغير ولا يتبدل مهما كان الأسباب رمضان ابو العز يقابل محمد ابو عبده
في الفريق الثاني عبده محمد علي ابو معصوم يقابل عبدالله علي ابو ادريس وكان جمهورهم الوحيد في السهرة ومعكر مزاجهم محمد درة ابو غائب كان يتمتم بالكلام ويشتم أحياناً ويعاتب أحياناً اخرى وما تبقى من السهرة فكان يقضيها بين بالشخير والنعاس لحتى يسمع صوت ابو عزو وطقطقة عكازه وهو يدخلها في خصر ابو غائب ويقول ها لوين وصلت بالمنام يا ابو غائب قوم قوم لارافقك الى البيت قبل ان تأكل بهدلة من ام غائب كي تتأكد بأنك معي. حيث كانوا يسكنون في نفس الحي من القرية
قريتنا كانت ذو حيين الحي الفوقاني والحي التحتاني
او الحارة الفوقانية والحارة التحتانية ونحن من الحارة التحتانية كنّا نقول الحارة الفرقانية حارة اليهود! وايضاً كانوا يقولون اهل حارة الفوقانية على اهل الحارة التحتانية بحارة اليهود ميت كلمة يهود ولا الغربة القاتلة
حنين الذاكرة
محمد جانكير